المعيار
Volume 25, Numéro 5, Pages 72-100
2021-07-15

فهم السنة النبوية في ضوء المقاصد الشرعية

الكاتب : الريس إبراهيم .

الملخص

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد. إن جماع مقاصد الشرع ومادتها يرتكز على مصدرين لا ثالث لهما، هما القرآن الكريم والسنَّة النبوية المشرفة، وأن الشريعة هي أحكام تنطوي على مقاصد، ومقاصد تنطوي على أحكام، ففيما يخص الفرد بحفظ دينه ونفسه ونسله وعقله وماله، وفيما يخص الأمة في حفظ الأمن، وإقامة العدل، والتعاون والتكافل، وعمارة الأرض، وحفظ ثروتها، وأن حفظ الدين يكون بإنفاذ الشريعة كاملة، من خلال الحزم في إقامة الشريعة يرافقه التيسير والرحمة دون زيادة أو نقصان، حتى لا يتطرق إليه التساهل في طرفيه. ولما كان فهم السنة النبوية في ضوء المقاصد الشرعية يسعى إلى معرفة الأسس والقواعد المنهجية الضرورية للفهم السليم، والتقصيد الحكيم والمتوازن للسنة النبوية بهدف الوصول إلى الاستثمار العلمي والعملي الأمثل للسنَّة النبوية وكنوزها في مختلف مجالات الحياة، فإننا اليوم في حاجة إلى المساهمة في بناء عقلية تجمع بين معطيات العصر، وتفهم الحديث النبوي الشريف فهمًا صحيحًا شموليًا متوازنًا، بعيدًا عن المعوقات التي تحول دون هذا الفهم، فضلًا عن ضرورة اجتناب مواقع الغلو والتطرف في فهم المقاصد الشرعية من الأحاديث النبوية، من خلال الكشف عن البيئة التي قيل فيها الحديث، والملابسات التي داخلته، والمناسبات التي أحاطت به، ومراعاة النظر في أحوال الناس وعاداتهم التي بفهمها تنحلُّ إشكالات كثيرة تعرض للعلماء والمختصين في فهم كثير من الأمور كنهي الشريعة عن أشياء لا تجد فيها وجه مفسدة بحال، أو مثل ذلك. وإذا كان المقصد الشرعي لا يفهم على وجه صحيح إلا بالفهم الدقيق للنص، فكذلك فإن الفهم الدقيق للنص لا يتأتى إلا بمعرفة المقصد الشرعي، فالعلاقة بينهما علاقة تكاملية، لذلك يأتي الحذر من أن تتخذ الجزئيات الخاصة كليات عامة، فقد جاءت السنة النبوية بقواعد عامة مثل: (لا ضر ولا ضرار)، كما أن الأصل في النصوص النبوية العموم لا الخصوص، وأن تحرّي الضبط والتحديد يكون عونًا للعلماء، لمعرفة خفاء المعاني أو وقوع التردد فيها، وتجنب الأوهام والتعمق في فهم مقاصد النص وأسراره؛ التي أمرت الشريعة بنبذها، لأنها غير صالحة أن تكون مقاصد شرعية. وإذا كان فهم السنَّة النبوية في ضوء المقاصد الشرعية ليس بجديد، إلا أنه مشروع جدير بالعناية والاهتمام لأهمية علم المقاصد وارتباطه المتين بجوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وأحد قوارب الإنقاذ، والطريق الأمثل لفهم الأحاديث النبوية، وضابطًا مهمًا للاجتهاد، يعطي فهمًا صحيحًا للسنة النبوية، وضرورة مراعاة ظروف المكان والزمان وتقاليد الناس وعاداتهم ومراعاة أحوال الناس عند قراءة النص وفهم معانيه واستنباط بعض الأحكام الجزئية منه.

الكلمات المفتاحية

السنة- المقاصد