الحوار المتوسطي
Volume 2, Numéro 1, Pages 136-142
2010-03-10

فلسفة الخلاص في المشروع البوذي

الكاتب : كلثوم مروفل .

الملخص

الإنسان مخلوق ذو بعدين ، ففي لغة البشر يعتبر الطين والوحل رمزا للحقارة والعفونة والتدني ، فالوحل من أحقر موجودات الطبيعة ، وفي لغة البشر أيضا ، يعتبر الله والروح من أرقى الموجودات وأكثرها قدسية ، وفي كل شيء موجود تعتبر الروح أشرف وأقدس مكون فيه . هذا الإنسان ، الذي هو ممثل الله وخليفته ، خلق من الطين ، ثم نفخ فيه الله من روحه والله هو أرقى موجود ، وروحه هي أرقى مكوّن ، وهكذا نرى الإنسان مصنوعا من الطين ومن روح الله . إن الله يريد أن يقول لنا بأن الإنسان هو موجود ذو بعدين ، إنّه موجود " ثنائي "، خلافا لكل الموجودات الأخرى التي هي ذات بعد واحد ، إن أحد بعديه هو النزوع للحضيض ، للطين ، فالطين والوحل هما خميرته ، إنه في هذا يُشبه النهر عندما يسير بزخم إلى أن تبقى منه كتل رسوبية خالية من الماء ، فتتوقف هذه الكتل وتتعفن . أما البعد الآخر للإنسان فهو ينزع للعلاء ، إنه روح الله ، لذلك فإنه ينشد الكمال ويميل للصعود إلى أعلى فأعلى حتى آخر نقطة يمكن تصورها ، الإنسان إذن يحتوي نقيضين: أحدهما الطين والآخر هو الله ، وفي هذا تكمن عظمة الإنسان وسر تطوره ، فالمسافة التي تفصل بين بُعديْه ( الطين وروح الله ) هي المجال الواسع لإرادته ونشاطه ، إنه يتحرك بين هذين القطبين ، وتبقى إرادته هي التي تقرر النزول إلى الدرك …إلى الطين ، أم الصعود إلى الله ، إن الإنسان هو نفسه ساحة للصراع بين هاتين النزعتين ( نزعة الخير ، نزعة الشر ) ، هذا النزاع الداخلي الذي سيفتح عليه أبواب النار، إنها أبواب النزاع الخارجي مع بني جلدته ، فيكون هناك طرف ظالم وطرف مظلوم ، فينشب الصراع الذي يتمظهر في الحروب والاستغلال والاضطهاد ، والآلام فتتوق حينها الفئات المظلومة إلى الخلاص من الظلم والفساد ، والقول بفكرة الخلاص يعني وجود مُخَلِص يُنقذ البشرية من طغيانها وجبروتها ليقودها إلى الراحة والأمان والسعادة .والتاريخ يشهد على تبني جل الشعوب على اختلاف أديانها لفكرة المُخَلِص ، مُنقذ البشرية ، الذي يحمل مستقبل أفضل مما هم عليه ، وهذا بحكم الفطرة التي تتوق إلى مستقبل سعيد .

الكلمات المفتاحية

فلسفة الخلاص -المشروع البوذي -الإنسان-روح الله