مجلة المعارف للبحوث والدراسات التاريخية
Volume 4, Numéro 5, Pages 316-354
2018-12-23

المذهب المالكي بالأندلس من الظهور إلى عصر التمكين و السيـــادة

الكاتب : عبد القادر ربوح .

الملخص

يعد التاريخ للحركة العلمية و العقلية ، حلقة مهمة من التاريخ العام ، فالتاريخ ليس انتصاب فلان مكان فلان ملكا ، و خلع آخر أو هلاكه ، فحسب كما انه ليس مجرد سلسلة من الأحداث السياسية الممضية إلى نشوء الدول و زوالها ... انه كل مظاهر العمران البشري ، من علوم و اقتصاد و فنون و تفكير ، وكل هذا معا يصنع حركة التاريخ الدائبة. و في تاريخنا الإسلامي التليد ، فانه من اجل ما صنع ملامحه ، هو تطور الحرة المذهبية في الفقه و الاعتقاد ، منذ بدايتها في عصر الصحابة الكرام رضوان الله عليهم إلى ما بعدهم .إلى يومنا هذا، و يعتبر المذهب المالكي من أكثر المذاهب الفقهية السنية التي لاقت قبولا و انتشارا في بلاد الغرب الإسلامي ، حيث لم يكد يمر القرن الثاني للهجرة حتى كان المذهب المالكي يغمر بسناه المغرب و الأندلس. و في هذا السياق تأتي دراستنا هذه لتاريخ المذهب المالكي في الأندلس ، فهدفنا إذن هو التعرف على إحدى حلقات تاريخنا ، و الاقتراب من ملاحظة الظاهرة ، بقدر ما تتيحه هذه الصفحات المحدودة ، وبقدر ما أتيح لنا من مصادر ومراجع ، و لقد حاولنا ما في وسعنا إن نطرق إشكاليات كثيرة ، على رأسها ما تعلق بكيفية دخول المذهب المالكي إلى ارض الأندلس و تعليل انفراده بهذه البلاد ، وهي الظاهرة المميزة لتاريخ الأندلس حقا . و في سبيل ذلك ، كان لزاما علينا أن نتعرف على بعض ملامح المذهب من خلال دراسة رجاله و طبقاتهم ، مبتدئين بمن سبقوا إلى التأسيس من تلاميذ مالك ، الذين عاصروه و اخذوا عنه مباشرة متطرقين للكتب الرئيسة للمذهب و الموسومة بالأمهات . على أن مدار موضوعنا ، هو حول إشكالية انفراد المذهب بالأندلس، و دور الدولة في ذلك فتوسعنا بعض الشيء في ذلك ، من خلالا تحليلات و طروحات المؤرخين و غيرهم. و لكي تكتمل الصورة حالة المذهب في تلك الديار ، عالجنا أيضا مسالة تقهقر المذهب و مال إليه من انحطاط ، و ما علة ذلك ؟ و ما ملامحه ؟ و أخيرا كان من تمام هذه المقاربة ، أن ندرس ظاهرة ثبات صرح المذهب أمام التحديات الفكرية و السياسية التي عرضت له ، و شكلت طرا على حاضره و مستقبله ، ثم كيف قدر على تجاوزها. و قد قسمنا عملنا هذا على اربع مباحث ، جاء أولها متناولا للمذهب المالكي عموما ، دون غوص في أعماق هذا المبحث مكتفين باكتشاف أهم قسماته. و ذلك من خلال التعريج على حالة الأندلس المذهبية بعد الفتح ، و عوامل تغلغل المذهب المالكي إلى تلك الديار ، و التركيز على دور السلطة في تثبيته ، أما المبحث الثاني فتكلم عن مصادره و طبقات فقهائه ، و تطوره ، و عالج المبحث الثالث مراحل تطور المذهب في الديار الأندلسية ، و كذا انحطاط المذهب و تقهقره، و أما رابع المباحث فقد عنينا من خلال مطالبه ، بدراسة ابرز التحديات التي واجهها المذهب و أصحابه ، وكيف واجهها و انتصر فيها.

الكلمات المفتاحية

المذهب المالكي، الاندلس