مجلة الدراسات الإسلامية
Volume 4, Numéro 6, Pages 257-278
2016-01-15

مدى سلطان القضاء وتدخله في الإلزام بالحكم الدياني

الكاتب : أ. مجدوب محمد عباسي .

الملخص

قد ضبط الإسلام تصرفات العباد بضابط الحلال والحرام، سواء تعلق الأمر بعلاقة العبد مع ربه فيما يسميه الفقهاء باب العبادات أو العقائد، أو علاقته مع غيره فيما يسمى باب المعاملات، ما تعلق بعلاقات العباد مع بعضهم البعض، مما جعل أفعال العباد تتصف بوصفين اثنين: أحدهما حكم دنيوي مبني على ما يظهر لنا من أفعال العبد أو أقواله، وعند نشوء الخصومة لا يصدر الحكم القضائي إلا في حدود ما ظهر من الأفعال والأقوال، فالقاضي لا يحكم إلا بظاهر الأمر وما يمكن إثباته بالدليل، ومبنى هذا الحكم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِي عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْهُ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ )). أما الوصف الثاني هو الحكم الأخروي، وهو مبني على حقيقة التصرف والنوايا والمقاصد وان خفي ذلك عن الغير وهذا متعلق بين العبد وربه عز وجل وما يخفيه في نفسه مما لا يمكن اطلاع الغير عليه، وهو الحكم الدياني، ومبناه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ((الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ)) أي ليس هناك دليل يثبته عند التقاضي، لذلك فان تنفيذ الأحكام الشرعية موكول لديانة الإنسان ووازعه الديني وخوفه من ربه. ولكن قوة الوازع الديني تختلف من شخص لآخر ومن زمن لأخر، فإذا ضعف هذا الوازع لابد أن يتدخل القضاء وولي الأمر لتحقيق المصالح ودفع الضرر، بل من واجب ولي الأمر أن يكون حارسا للأحكام الشرعية ساهرا على تنفيذها وهذا ما عبر عنه الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه: "إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقران" .

الكلمات المفتاحية

سلطان القضاء - الإلزام - الحكم الدياني.