التراث
Volume 6, Numéro 2, Pages 1-10
2016-06-15

ظاهرة التبني في المجتمع العراقي القديم -دراسة تاريخية قانونية

الكاتب : أحمد ثليجي .

الملخص

يعتبر التبني من المظاهر الاجتماعية المعروفة في المجتمعات القديمة، والتي تقتضيها مصلحة الأفراد والجماعة، فهو يسد حاجة من حاجات المجتمع الرئيسية وهي توفير الأولاد للأسر التي لا تنجب، وقد كان للفرد في المجتمع العراقي القديم أن يتبيني أي عدد من الأطفال الذكور أو الإناث وفق عقد مدون بشرط أن يقوم بالتزاماته تجاههم، وهذه الالتزامات تحددها القوانين، وتشير إليها الكثير من العقود التي وجدها الباحثون والأثريون المختصون في الحضارة العراقية القديمة. و دوافع التبني لا تنحصر في الأسباب الطبيعية لعدم الإنجاب کالعقم، بل أن هناك أسبابا اجتماعية كمنع أصناف معينة من الكاهنات في المجتمع العراقي القديم من إنجاب الأطفال، يضاف إلى ذلك أن العديد من الأسر كانت تستهدف من تبني الأطفال الحصول على أيدي عاملة فنية تكون نتيجة لتدريب هؤلاء الأطفال منذ الصغر. أما من الجانب الآخر فهناك أسباب تدفع الكثير من العائلات العراقية القديمة لإعطاء أبنائهم للتبني ويأتي في مقدمتها الحالة الاجتماعية المتردية للكثير من الأسر، والتي تهدف من خلال ذلك إلى أن يعيش أبناؤها عند أسر میسورة توفر لهم العيش والتعليم، وتضمن مستقبلهم، كما كانت ترغب في أن يتعلم أبناؤها بعض المهن والحرف اليدوية التي تعود عليهم وعلى عائلاتهم الأصلية بالفائدة. وسنحاول في هذا البحث أن نبين مفهوم التبني وغايته في المجتمع العراقي القديم وأن نشير إلى بعض القوانين التي تطرقت إليه، كما أننا سنتطرق إلى قواعده العامة وأحكامه، ونبين شروطه وأشكاله، وتختم في الأخير بالإشارة إلى فسخ عقد التبني و آثاره على طرفي العلاقة الرئيسيين وهما المتبين والمتبني. 1- مفهوم التبيني وغايته في المجتمع العراقي القديم: التبني نظام قانوني يراد به تقليد الطبيعة بخلق الأبوة خلقا اصطناعيا من أجل ترتیب آثار مماثلة (بين المتبني والمتبني) للعلاقة التي تنشأ نتيجة الولادة بين الأب وذريته. وقد كان هذا النظام قالبا يمكن أن تصب فيه تصرفات قانونية يراد بها تغيير العلاقات العائلية، وما تعلق بها من أحكام الأحوال الشخصية. فمفهوم التبيني يعني إيجاد علاقة البنوة بين رجل أو امرأة مع ولد أو بنت ويتم ذلك من خلال عقد قانوني ينص على اتفاق طرفي العقد على العلاقة الجديدة التي تربط أحدهما بالآخر، وتتضمن العلاقة الجديدة حقوقا وواجبات للطرفين كما ينص عليها عقد التبني، والكلمة البابلية التي تعني التبني كما وردت في العقود و مواد القانون هي (ماروتوم Marutum) . وقد كانت الأسرة منذ أقدم العصور تقوم على دعامة متينة من الوحدة الزوجية، كما كان الزواج عمادها، فلكل رجل زوجة واحدة، أو أكثر، وكان الهدف الأساسي للأسرة العراقية القديمة هو إنجاب الأطفال، وترك ذرية تبقى مدى الأجيال، حيث كان يحق لكل فرد أن يكون له ولد، ومبعث ذلك أمور عديدة منها: الطبيعية العاطفية نحو الذرية، وكذلك الواقع الديني والاقتصادي باعتبار الولد هو الوريث الشرعي للأسرة، حيث يعطي الاطمئنان إلى نفوس الآباء.

الكلمات المفتاحية

التبني، الإطمئنان، العقد، القانون، العرف، العراق.