مقاليد
Volume 1, Numéro 2, Pages 178-204
2011-12-31

من قضايا النقد الأدبي لدى البيئة الفلسفيّة بالأندلس

الكاتب : محمد التجاني محجوبي .

الملخص

علاقة الفن والأدب بالفلسفة من القضايا التي تساءل فيها المفكّرون قديما وحديثا، وأسفرت أسئلتهم في ذلك عن مواقف متطرفة وأخرى معتدلة ، وقد يبدو تساؤلهم أمرا طبيعيا ومنهجيّا إذا ما نظرنا إلى تلك الركائز الثلاث التي تتوازن بها حياة الإنسان ، وهي : الفنّ والدين والفلسفة (1) ؛ فهناك تداخل وتكامل واضح بين تلك المستويات المعرفية والوجدانية في الحياة ، ولذلك حظيت بنقاش واسع منذ العهود الأولى للفكر اليوناني ، وجاء الفكر الإسلامي فيما بعد ليقوم بدوره الحاسم في إحداث التوازن المنشود وسدّ أبواب التطرّف في تفسير الظواهر المختلفة التي واجهها الإنسان في معركة الوعي بالذات وبالوجود . وباعتبار الأدب فنّا من الفنون الجميلة ، فإنّ العلاقة بينه وبين الفلسفة تبدو أمرا طبيعيا ، انطلاقا من النظرة التكامليّة الآنفة الذكر، رغم تطرّف أفلاطون قديما وهيجل حديثا ، وغيرهما من المثاليين والأخلاقيين ، في رمي الفنّ والأدب وما دار في فلكهما بالدّونيّة . وإذا سلّمنا بطبيعة هذه العلاقة ، ففي أيّ سياق يا ترى ، تأتّى للفلاسفة الحديث عن الفنّ والأدب ، أو إصدار أحكام نقديّة بشأنهما ؟ لا شكّ أنّ ذلك إنّما تمّ في سياق تفسيرهم للظاهرة الجماليّة ؛ لقد تحدّث الفلاسفة من قديم في سرّ الجمال ، إن في الطبيعة أو في الفنّ ، وقد جرّهم ذلك ـ طائعين أو مكرهين ، وبحكم اهتمامهم بالكليّات ـ إلى قول كلمتهم في الفنّ والشعر والأدب ، ولا غرو بعد ذلك أن ترد إلينا فيما خلّفوا من كتابات ، بعض الأحكام النقديّة الخاصّة ببيئتهم ، نعني البيئة الفلسفيّة والمنطقيّة . فهل كان للفلاسفة المسلمين حقا آراء واضحة في النقد الأدبي ؟ وإن كان ذلك ففي أيّ سياق تمّ تناولهم إياه ؟ ثمّ ما مدى تمثيلهم للنقد العربي والبيان العربي في كلّ ذلك ؟ وأخيرا هل تأثر الأدب الأندلسي ونقده بشيء من طروحاتهم ؟ تلك هي الأسئلة الجوهريّة التي نروم الإجابة عنها من خلال مقالنا المتواضع هذا : " من قضايا النقد الأدبيّ في البيئة الفلسفيّة الأندلسيّة " . إنّ محاولة الفصل بين الفلسفة من جهة والفنّ والأدب من جهة هو ضرب من الوهم ، ومرده فيما نرى إلى تلك المعركة القديمة بين أنصار العقل من مناطقة وفلاسفة وعلماء ، وأنصار الخيال من متصوفة وأدباء وشعراء وفنانين ، وهو من التطرف الذي يتنافى مع تكامل قوى النفس الإنسانية ، وربما أفضى بأصحابه ، دون شعور، إلى الفصل الفاضح بين اللغة والفكر(2) وإن كان التفصيل في هذه القضيّة بالذات ممّا لا يتسع له السياق ههنا ، ولكنّ له موضعه المناسب فيما يلي من فقرات. إنّ قائمة فلاسفة الإسلام في الأندلس طويلة بعض الشيء ، ولذلك ملنا إلى تمثيلهم بتلك العينة التي أثر عنها اتصال واضح بالأدب ونقده ، كابن حزم الظاهريّ، وابن رشد الحفيد ، وحازم القرطاجنّي كناقد متفلسف ، ثمّ ابن خلدون ، دون إهمال طبعا ، لغير هؤلاء ممّن يمكن الاستئناس بآرائهم ، من أولئك الذين مثلوا آراء البيئة الفلسفية في النقد الأدبي في بلاد الأندلس .

الكلمات المفتاحية

قضايا النقد الأدبي .البيئة الفلسفيّة بالأندلس